-->

المواضيع

لا تحزن




أكْثِرْ من الاطِّلاعِ والتَّأمُّلِ حاسِبْ نَفْسَكَ - خُذوا حِذْرَكَمْ
أكْثِرْ من الاطِّلاعِ والتَّأمُّلِ



إنَّ ممَّا يشرحُ الصدر : كثْرةُ المعرفةِ ، وغزارةُ المادّةِ العلميَّةِ ، واتِّساعُ الثقافةِ ، وعُمقُ الفكرِ ، وبُعدُ النَّظْرةِ ، وأصالةُ الفهْمِ ، والغوْصُ على الدليلِ ، ومعرفةُ سرِّ المسألةِ ، وإدراكُ مقاصدِ الأمورِ ، واكتشافُ حقائقِ الأشياءِ  ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ ، ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ   . إنَّ العالِم رحْب الصدرِ ، واسع البالِ ، مطمئنّ النفْسِ ، منشرحُ الخاطرِ ..
يزيدُ بكثْرةِ الإنفاقِ منهُ


وينقصُ إنْ به كفّاً شددْتا

يقولُ أحد مفكَّري الغربِ : لي ملفٌّ كبيرٌ في درجِ مكتبي ، مكتوبٌ عليه : حماقاتٌ ارتكبتُها ، أكتبُه لكلِّ سقطاتِ وتوافه وعثراتٍ أُزاولُها في يومي وليلتي ، لأتخلَّص منها .
قلت : سبقك علماءُ سلفِ هذه الأُمَّةِ بالمُحاسبةِ الدقيقةِ والتَّنْقيبِ المُضني لأنفسِهم ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ  .
قال الحسنُ البصريُّ : المسلمُ لنفسِهِ أشدُّ مُحاسَبَةً من الشريكِ لشريكِهِ .
وكان الربيعُ بنُ خُثيْمٍ يكتُبُ كلامهُ من الجمعةِ إلى الجمعةِ ، فإنْ وَجَدَ حسنةً حمِد الله ، وإنْ وَجَدَ سيِّئةً استغفر .
وقال أحدُ السلفِ : لي ذنبٌ منْ أربعين سنةً ، وأنا أسألُ الله أنْ يغفرهُ لي ، ولا زلتُ أُلحُّ في طلبِ المغفرةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ   .

حاسِبْ نَفْسَكَ

احتفظِ بمذكّرةٍ لديك ، لتُحاسب بها نفْشك ، وتذكر فيها السلبيَّاتِ الملازمة لك ، وتبدأ بذكْر التَّقدُّمِ في معالجتِها .
قال عمرُ : حاسِبوا أنفُسكُمْ قبل أنْ تُحاسبوا ، وزِنُوها قبل أن تُوزنوا ، وتزيَّنوا للعرضِ الأكبرِ .
ثلاثةُ أخطاءٍ تتكرَّرُ في حياتِنا اليومية :
الأولُ : ضياعُ الوقتِ .
الثاني : التَّكلُّمُ فيما لا يعني : (( مِنْ حُسْنِ إسلامِ المرءِ تركهُ ما لا يعنيهِ )) .
الثالثُ : الاهتمامُ بتوافِهِ الأمورِ ، كسماعِ تخويفاتِ المُرجِفين ، وتوقُّعاتِ المثبِّطين ، وتوهُّماتِ المُوسوسِين ، كَدَرٌ عاجلٌ ، وهمٌّ معجَّلٌ ، وهو منْ عوائقِ السعادةِ وراحةِ البالِ .
يقولُ امرؤُ القيسِ :
ألا عِمْ صباحاً أيها الطَّللُ البالي



وهلْ يعِمنْ منْ كان في العُصُر الخالي

وهلْ يعِمنْ إلا سعيدٌ منعَّمٌ



قليلُ الهموم لا يبِيتُ بأوجالِ


علَّم الرسولُ r عمَّ العباس دعاءً يجمعُ سعادة الدنيا والآخرةِ ، و هو قولُه r : ((اللّهم إني أسألُك العَفْوَ والعافية )) .
وهذا جامعٌ مانعٌ شافٍ كافٍ فيه خيرُ العاجلِ والآجلِ .
﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ   ، ﴿ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى  



خُذوا حِذْرَكَمْ


منْ سعادةِ العبدِ اخْذُ الحَيْطةِ واستعمالُ الأسبابِ ، مع التَّوكُّلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ ، فإن الرسول r بارز في بعضِ الغزواتِ وعليه دِرعٌ ، وهو سيِّدُ المتوكَّلين ، وقال لأحدِهم لما قال له : أعقِلُها يا رسول اللهِ ، أوْ أتوكَّلُ ؟ قال : (( اعقِلها وتوكَّل )) .
فالأخْذُ بالسببِ والتَّوكُّلُ على اللهِ قُوامُ التوحيدِ ، وترْكُ السبب مع التوكُّلِ على اللهِ قدْحٌ في الشرعِ ، وأخذُ السببِ مع ترْكِ التوكُّلِ على اللهِ قَدْحٌ في التوحيدِ .
وذَكَرَ ابنُ الجوزيِّ في هذا : أنَّ رجلاً قصَّ ظفره ، فاستفحل عليه فمات ، ولم يأخُذْ بالحيْطةِ .
ورجُلٌ دَخَلَ على حمارٍ منْ سردان ، فهصر بطنهُ فمات .
وذكروا عنْ طه حسين – الكاتبِ المصريِّ – أنه قال لسائقِهِ : لا تُسرعْ حتى نصِل مبكِّرين .
وهذا معنى مثلٍ : رُبَّ عجلةٍ تهبُ ريْثاً .
قال الشاعرُ :
قد يُدرِكُ المُتأنِّي بعض حاجتِه


وقدْ يكونُ مع المتعجِّلِ الزَّللُ


فالتَّوقِّي لا يُعارضُ القدر ، بلْ هو منهُ ، ومنْ لُبِّهِ ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ  ، ﴿  تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ  .
TAG

عن الكاتب :

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *